‏الدولة الأمنية في العراق

الدولة الأمنية في العراق

بعد فشل نظامٍ تَعَاوَنَ على إرسائه الاحتلال والأحزاب الفاسدة، ونتج عنه استباحةُ الإرهابيين للبلاد، وتقوضُ أركان الدولة ونهب مواردها وانهيار مقوماتها مع شيوع البؤس والفوضى بين أفراد الشعب العراقي المظلوم، بات مشروع "الدولة الأمنية" يطرح نفسه بقوة كحل للوضع في العراق.



مشروع "الدولة الأمنية" أرسى ملامحه وأهدافه الشيخ ياسر الحبيب، الأب الروحي للاتحاد، في وثيقة صدرت عن مكتبه في أرض فدك الصغرى عام 1437، حيث أوضح بأنه "لا مكان للمحاصصة المَقيتة، أو سياسَةِ إرضاء وتنفيع رؤوس الجماعاتِ المتكالبة على مُقَدَّرَاتِ الشعب العراقي،.. لا مكان لذلك كله في الدولة الأمنية، التي ستكون مهمتها الأساسية ترجَمَةً فعليةً لشعار، يدٌ تقاتِلُ ويَدٌ تبني، والذي بمُوجَبِهِ سيكون على عاتقها أيضاً، تحقِيقُ أعلى مستوىً من الأمن للبلاد، وملاحَقَةُ الإرهابيين داخل وخارج العراق لتصفيتهم بشكل نهائي، وهو ما من شأنه جعل العراق قوة إقليمية لا تعادلها قوة".


وأشارت الوثيقةُ إلى أن "الدولة الأمنية" غير معنِيَّةٍ بما يمكن أن يفتعله الخصوم من جَدَلٍ حول هويتها أو وجهتها السياسية، حيث أن مهمتها ستكون محددة ومؤقتة بتفويضٍ من الشعب؛ فهي من جِهَةٍ ستقاتل من أجل بسط الأمن، ومن جهة أخرى ستبني البلاد ما أمكن من أجل عودة الاستقرار ودوران عجلة البناء والاقتصاد.

يشار إلى أنه لا يفترض أن تكون الدولة الأمنية دولةً مثالية، وإن كانت تستند في مشروعيتها على قواعِدَ وأدِلَّةٍ كثيرة تم تفصيلها في محاضرات سابقة للأب الروحي للاتحاد بعنوان، دولَةُ الأكارم.

والسبب في عدم كون هذه الدولة مثاليةً هو أنها ليست دولة المعصوم عليه السلام، لكنه يمكن الجزم بأنها ستجلب أقل قدر من السلبيات والخسائر، بالقياس مع باقي الأنظمة العَفِنَة التي أثبتت فشلها مسبقا في العراق.

لقد بات من الضروري توعية الشعب العراقي بأن هنالك أمَلاً وحلّا، وبأن الفوضى والفساد والضياع ليس قَدَراً مقدورا للعراق.



يعتقد اتحاد خدام المهدي عليه السلام من جانبه بأنه آن الأوان – في إطار الدولة الأمنية - لأن تُعْطَى الفرصة لطبقة جديدة من ذوي الكفاءة والنزاهة والصرامة، من العسكريين والأمنيين الأشداء بعد أن أثبتت الطبقة السياسية الحالية عن فشلها، إلا في النهب والسلب وتدمير مقومات الدولة.

من المقترح أن يكون قيام الدولة الأمنية عبارة عن مرحلة انتقالية مؤقتة لمدة عشر سنوات، وتم تحديد هذه المدة نظرا للأهوال التي تعصف بالعراق والتحديات والمخاطر التي تواجهه والدول والأحزاب والجماعات التي تتآمر عليه، ما يجعل مهمة هذه الدولة صعبة للغاية، خاصة وأنها ستضطلع بمهمة إعادة البنية التحية المدمَّرة وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتنظيفها من الفساد، وكل ذلك - من أعباء ومسؤوليات جسام - يقتضي مثل تلك المدة على الأقل.

خارطة الطريق (الخطوات المفضية إلى قيام الدولة الأمنية)

- أولاً: تشكيل قائمة انتخابية موسعة من مختلف شرائح الشعب تحت عنوان "الدولة الأمنية" والتي لا تهدف للحكم أو للمنافسة الدنيوية الرخيصة، بل للإعداد لعملية الانتقال في نظام الدولة، وهو ما يتوقف بدوره على إحراز القائمة لأغلبية ثلثي المجلس النيابي، أو السعي لإقناع كتلة أخرى فائِزَةٍ بالانضمام إليها لتحقيق الأغلبية المطلوبة.

- ثانياً: تشكيل لجنة قانونية مهمتها الإعداد لتغيير النظام والدستور، وطرحُ ذلك للاستفتاء الشعبي العام، وأخرى تستدعي القيادات والخِبْرَات الأمنية والعسكرية التي ستشكل أول طَاقَمٍ حكومي مستعد لتولي المسؤولية بعد إعلان قيام الدولة الأمنية، على أن يجري ذلك كُلُّهُ بمشاورات واسعة تأخذ بالحُسْبَان مُبارَكة وتأييد المرجعية الدينية العادلة، والاكتفاءَ بذوي الكفاءة الأمنية والإدارية من أي طائفة أو فئة كانوا، رضي من رضي وسَخِطَ من سَخِط.

- ثالثاً: عرض الأمر على الشعب في استفتاء عام لإقراره والبدء بتنفيذه.

- رابعاً: تولي الحكومة لزمام الأمور مع حل البرلمان، وقيامُهَا بدمج جميع فصائل وقطاعات الحشد الشعبي بالقوات المسلحة النظامية، بحيث يكون للدولة جيش قوي موحد.

- خامساً: تحرير الدولة للاقتصاد العراقي من القيود البيروقراطية والروتينية القاتلة، بحيث لا يكون هنالك عائق أمام البناء والتعمير والاستثمار والتصنيع، بل يتم إشراك القوات المسلحة في تقديم الدعم البشري والعملي، في المشاريع الكبرى التي تَخْدِمُ التطور، كإنشاء المدن والمساكن ومد الطرق والجسور، وإقامة المصانع وتهيئة المزارع ونحو ذلك.

كما أنه من الضروري تقليص الدولة للرواتب والامتيازات المالية الممنوحة للمسؤولين إلى أقصى حد، بحيث تقوم بتوزيع الثروة على مستحقيها من العاملين في القوات المسلحة والوزارات والمؤسسات، إلى جانب المتضررين والمنكوبين والمُقعَدين والأرامل واليتامى والمُسْتَضْعَفِين.

ملاحظة

إن للشعب مراقَبَة أدَاء الحكومة في الدولة الأمنية التي ستكون مؤقتة لعشر سنوات، ولَهُ أيضاً اللجُوء إلى محكمة دستورية عليا بعد تجميع تواقِيعِ عشرة آلاف مواطنٍ مثلاً، من أجل إجراء استفتاء شعبي عامٍّ على التغيير.



ينبغي الإشارة أيضا أنه لا يتعدى دور اتحاد خدام المهدي عليه السلام - أو أي من المؤسسات الاتحادية التابعة له – لا يتعدى التوعية الجماهيرية بضرورة إقامة الدولة الأمنية، وشَرْحِ تفاصيلها ومبارَكَةِ من يتبناها ودَعْمِهِ بتوجيه الجماهير إليه، بعيداً عن المشاركة العملية في الانتخابات وتولي المناصب، وذلك ليبقى المنتسبون إلى الاتحاد في مَأْمَنٍ كَامِلٍ من قذارات السياسة والعمل السياسي.

شارك المنشور على Facebook Twitter Telegram Whatsapp